vendredi 15 février 2013

رسالة إلى قوى تونس الحرة


مواطني ومواطنات قوى تونس الحرة، أيها الأعزاء 
اسمحوا لي قبل التوجه إليكم بهذا الخطاب أن أعبر لكم وللشعب التونسي عن حزني وألمي  لفقدان عزيز طالته أيادي الغدر.
أقول كما قال الأخ الرفيق حمة الهمامي: نم يا رفيقي، نم يا حبيبي، نم يا صديقي، نم يا أخي واطمئن، نم يا شكري وافتح العين لتنير القبر ثم استيقظ لترى الشعب قد هدر، ونزل المطر، ونبت الزرع وتفتح الورد، وطل الربيع وقد اخضر. نم يا عزيزي واطمئن فقد أراد الشعب الحياة فاستجاب القدر. نم يا حبيبي واطمئن، فمن لم يرم صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر. نم يا أخي واطمئن، فقد ذهب الغادرون إلى الجحيم وقبله إلى الحفر.

مواطني ومواطنات قوى تونس الحرة، أيها الأعزاء 
إني أخاطبكم بكثير من شغاف القلب وكثير من حكمة العقل. إني أدعوكم إلى تشخيص دقيق ومتبصر واستشرافي  لهذه اللحظة الفارقة في ثورة الشعب التونسي.
  1. فكما أعلم وتعلمون أن الشعب قد حسم أمرا على غاية من الأهمية يوم 14 جانفي 2011 بإسقاطه رأس النظام وجهازه الحزبي المتعفن، وما كان بالإمكان تحقيق ذلك إلا بثورة عارمة ووحدة وطنية صماء وبعد أن خبر هذا النظام الذي استكمل ملامح  الفضاعة والبشاعة وشروطهما
  2. ولما لم يكن للشعب خبرة كافية بمكونات المشهد السياسي البديل، ولما لم تكن له الخبرة اللازمة لإدارة شؤونه بنفسه، فقد منح النخب السياسية نصف وكالة لإدارة ما اصطلحت الطبقة السياسية على تسميته بالانتقال الديمقراطي، إذ لم يشارك الشعب إلا بأقل من نصف عدد الناخبين في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
  3. أما الطبقة السياسية، وبكل مكوناتها، فقد وقفت تبشر وتهلل لهذا الانتقال وتعد بالخير الوفير، فراحت تتقاسم المغانم والامتيازات، وتتخذ القرارات، وتصادق على القوانين، وتفتي وتشرع وتتغول، وتوصد المنابر أمام من يخالفها الرأي وكأنها تعيش أبدا.
  4. أما الشعب، فقد راح ينتظر ثم يعتصم، ثم يٌضرب، ثم يتظاهر، ثم ينتفض ثم  يثور على تغول السلطة وعجزها في الآن نفسه على تحقيق ما وعدت به، وعلى تجييشها للشوارع والمساجد، وعلى استباحتها لخطاب التخوين والتكفير والاغتيال وتقسيم الشعب إلى إسلاميين وعلمانيين. نعم لقد قرر الشعب حسم مسألة ثانية يوم 08فيفري 2013 إثر هبة شعبية مليونية رهيبة أجمع فيها كل التونسيين من كل الأعمار والأجناس والفئات الاجتماعية والمشارب الفكرية والعقدية على أن الشعب واحد لا ينقسم.
  5. وجه الشعب التونسي رسالته إلى الجميع، حكاما ومعارضين، ليحتكموا إلى العقل والمصلحة الوطنية العليا، ورَسم خطا أحمر للجميع للتوقف عنده، وعلى الجميع الاستجابة لنداء الشعب وعزل قوى العنف الممنهج والجريمة المنظمة وإسقاط مشاريع الفرقة والتقاتل الأهلي بين التونسيين، كما على بعض قوى المعارضة ألاّ تغتر وتنتشي بانتصار هو في الواقع انتصار الشعب لنفسه...انتصار للحرية والوحدة الوطنية وإقصاء للفرقة والتقاتل الأهلي والعنف الممنهج والجريمة المنظمة وأن تنظر إلى اللحظة التاريخية نظرة متبصرة هادئة بعيدا عن كل مزايدة ومكابرة.
  6. إن يوم الثامن من شهر فيفري هو يوم الإعلان عن الفصل الثاني من الثورة إذ حدد الوحدة الوطنية كشرط لاستكمال نجاحها وصنع من المناضل الشهيد رمزا بث فيه روح الشعب- كافة الشعب- ودعا إلى عزل قوى العنف الممنهج والجريمة المنظمة والتقاتل الأهلي بين التونسيين كشرط لتحقق الوحدة الوطنية ذاتها.
  7. إن الثوريين والديمقراطيين الحقيقيين لا ينحرفون على مطالب الثورة ، ومطلبها الآن،  في تقديرنا هو ضمان وحدة التونسيين وحمايتها، فلا منوال التنمية المنشود يتحقق، ولا بناء الدولة من الأسفل نحو الأعلى ممكن بدون وحدة التونسيين وتصميمهم على عزل قوى العنف الممنهج والجريمة المنظمة والتقاتل الأهلي بين مواطني البلد الواحد. وعليه- وكما كان هذا المنوال وهذا البناء للدولة الاجتماعية والنظام الديمقراطي مستحيلا في ظل النظام البائد- فهو يصبح الآن أكثر استحالة أمام العنف الممنهج والجريمة المنظمة والتقاتل الأهلي.
  8. يتعين،  والوضع على ما هو عليه، وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار والاعتراف بأن يوم الثامن من شهر فيفري 2013 هو يوم زلزلت فيه الأرض تحت أقدام الجميع إذ دقت ساعة الاعتراف الرسمي من قبل القائمين على السلطة بأزمة عميقة  وفشل ذريع في إدارة المرحلة، كما دقت ساعة اعتراف المعارضة بفشل منوالها السياسي في تحقيق أهداف الثورة.
  9. فالجميع الآن يعترف بهذه الحقائق إلا بعضا من المكابرين من هنا وهناك. وعليه يتعين على الجميع وعلى قوى تونس الحرة تحديدا قراءة اللحظة التاريخية الفارقة التي تعيشها الثورة التونسية المعلنة عن إبطال آثار نتائج انتخابات 23 أكتوبر والإنخراط مباشرة  في حوار وطني شامل بين كل التونسيات والتونسيين تنبثق عنه- حالاً- خطة عاجلة ترسم ملامح خارطة الطريق. فالواقعية تقتضي ربح معركة الزمن الذي تراهن عليه قوى العنف الممنهج والجريمة المنظمة والتقاتل الأهلي بين التونسيين، وذلك بإيقاف النزيف الذي يصيب وزارة الداخلية الآن، فقوى العنف الممنهج والجريمة المنظمة تستهدف الجهاز الأمني في المقام الأول بإرهاقه واستنزاف قواه ثم الانقضاض عليه واستعماله بعد ذلك لبسط الهيمنة وإحكام القبضة الحديدية على الدولة والمجتمع. إن هذا الأمر لا يسمح بالمزيد من التفكير، بل يقتضي الفعل والمبادرة.
أما القراءة الثورية لهذه اللحظة الفارقة فهي المشاركة في إعادة النظر في المنوال السياسي لإدارة المرحلة بعد اعتراف الجميع تقريبا بفشل المنوال السابق والاستعداد لمناقشة منوال جديد يأخذ بعين الاعتبار الأجهزة الدستورية والقانونية الأساسية التي تستجيب لمطالب الثورة وتضمن القطع مع الماضي ومن أهمها قضية شهداء الثورة وجرحاها، المحاسبة ومؤسساتها، النظام الانتخابي الضامن للسيادة الحقيقية للشعب في إدارة الشأن العام...وذلك بقطع النظر عن الفضاء الذي سوف يُؤويه والأطراف التي سوف تحضره وإنّ ثقتي لكبيرة في قوة المقترح ووجاهة التصور لدى قوى تونس الحرة وشركائها في المشروع الوطني. أما المشاركة في الحوار الوطني، وإن تعددت وسائله، فهي لا تعوق التواصل المباشر مع الشعب التونسي، بل تستحثه وتدفع به إلى المقام الأول.
عاش الشعب التونسي موحّدا صامدا.
عاشت ثورة تونس منارة لثورات العصر الحديث
عاش العمل الثوري والديمقراطي المشترك.
لا عاش في تونس من خانها
ولا عاش من ليس من جندها.
                                                              

                                                                      رضا شهاب المكي
قوى تونس الحرة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire