إنٌ المهمشين والمفقرين كانوا منذ الأزل وقودا لكل الانتفاضات والثورات . وهذا ما برهن عليه الانفجار الثوري التونسي في كل ملاحم نضالاته ضد نظام الاستبداد والتفقير السائد بحكم إرادة المنظومة العالمية المافيوزية . واليوم يواصل الشعب الثائر بتونس مقاومته ضد نفس النظام وإن تغيرت وجوه القائمين عليه . فكل يوم نشهد إبداعا شعبيا عفويا للتصدي لكل مراوغات العملاء المحليين مستوحاة من معاناة هذا الشعب وكان أحدثها هبته لتشييع شهيد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية شهيده الرمز شكري بلعيد إبن رحم الحاضنة الشعبية إبن جبل الجلود إبن الحركة التلمذية إبن الحركة الطلابية إبن الحركة النقابية إبن الحركة الحقوقية إبن الحركة السياسية الراديكالية فكان صوت المقهورين من مهمشي ومفقري بلده . هذا الشهيد الذي إختار المقاومة من أجل شعبه وبلده تحت راية الحرية إستحقاق بشري فغدرت به أيادي أعداء الحريٌة . لكن شعبه هب ليتصدى للقتلة وأعلن رفضه للغدر بأبنائه وأعلن لفظه لقتلة الحرية . فيا حرائر و أحرار تونس لا تهنٌوا ولا تحزنوا بل هبٌوا للإستنارة بشمعة شهيدكم التي أضاءت طريق الحق والحقيقة هبٌوا لفرض كرامتكم وهبٌوا لإفتكاك حريتكم وهبوا لإفتكاك تقرير مصيركم بعيدا عن مهرجان الفرجة السياسية بأيادي ووجوه لا تفقه كنه تونس ومعاناتها. فرجة سياسية تقودها دعوة وهمية تناشد إستقرارا هشا فينحاز للسائد . والأصل أن إستعادة المهمة الثورية هي البحث المستنطق لواقع جوهر الحراك الإجتماعي وإستنباط الحلول التي تقترحها علينا إلحاحاته فمعضلات هذا الواقع المعاش اليوم تختلف بنيويا ومضامنيا عن ما فات من الزمن أمام إنتهاك إقتصاد السوق وفلسفته لكل مجالات حياتنا. وحتى نقطع مع كل هذا الدمار كان لابد للشعب أن يستميت في ملحمته النضالية ضده وضد حراسه. وإن بوصلة المقهورين مبنية على نهج التقاسم للثروة العامة وفسح المجال لمبادرات التدابير التضامنية في أوسع مجالاتها والتأسيس لإسترجاع الدولة من أضيق الدوائر السفلى نحو المركز وإن حدس الثوريين من أبناء شعبي سيجعلهم يختارون المسؤولية ويستبعدون الأطرالمركزية المهترئة الخادمة الطيٌعة لنظام الاستبداد والتفقير . فتجذر المطالب الشعبية سياسية كانت أو إقتصادية أو إجتماعية أو ثقافية أوحتى الأمنية منها الملوح بها في هذه الفترة لن تدرك حلا لها إلا من خلال النهج الديمقراطي القاعدي. حيث يشكل الحاضنة الحقيقية لتأسيس فضاء لحياة الكرامة البشرية . وإن إستمرارية الأشكال النضالية هي برهان جماعي متجدد رافض لمنهج أهل التوافق وبيع الأوهام . فهم لن يكونوا منجزين لأي شعار من شعارات الحراك الإجتماعي لأنهم حريصين على التمسك بالنماذج الجاهزة المطبقة تاريخيا والتي لا تحكي إلا عن ديكتاتورياتهم وفاشيتهم بعنوان العقيدة حيث تحرس وتبرر هتك إقتصاد السوق للشعب المقهور . إن السائد في المشهد السياسي المنقول من قبل إعلامهم هو البحث في نتائج الحدث في حين أن الثوري يتصدى لأسباب تلك النتائج وتشدقهم بالديمقراطية لا يجيب فلهم ديمقراطيتهم أين الحاكم السيد و لنا ديمقراطيتنا أين يكون المحكوم السيد . فديمقراطية الأحزاب المتغولة أو بالأحرى الشركات التجارية تتضارب مصالحها أصليا مع أهداف الحراك الإجتماعي للمفقرين . فيغلب على سلوكها كل وسائل الترغيب و الترهيب للهيمنة وتسجيل ربحيتها الحزبية ولو كان على حساب الوطن وإن كان ذلك بترك المجتمع يتدافع وإن كان ذلك بصناعة القتل .إن الحديث عن هذه الأحزاب التجارية وكشف مخططاتها البعيدة أصليا عن إرساء أي منوال تنموي مثلا . إنها مختصة في صناعة الموت ولا تحتاج للاجتهاد في غيره مادام حقلها الأم هوإقتصاد السوق السائد بطبعه . إن الثوريين اليوم محمول عليهم أكثر من أي وقت مضى إلى جانب الكشف عن السياسات التدميرية للمنظومة العالمية وكلفتها على المفقرين من خلال منظومة التداين و من خلال حكومات خادمة لها ومبتزٌة للشعب ماديا ومعنويا العمل على بناء الوعي المؤسس على نبذ نهج المطالبة لهاته الحكومات بإنجاز أي تحول في أي مجال( فهي حاكمة حتى لا تنجز ) والقادر على الإنجاز هو الإنسان المواطن المقرر والمشارك و المسؤول هو المواطن الذي يفرض فعليا إرادته بإنشاء مجتمعات لا مركزية مبنية على التقاسم لا على بيع الوهم من المركز. فالديمقراطية التي ينشدها الشعب الثائر هي" تلك التي تؤهل الضعيف الحصول على نفس الفرصة التي يحصل عليها القوي"
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire