-
-
-
-
-
سيدي الوزير الأول في الحكومة الإنتقالية -عجّل الله إنتقالها-
سأستغني عن كل المقدمات البروتوكولية و أدخل مباشرة في صلب الموضوع إحتراما لوقتكم الثمين.
سيدي الوزير الأول لقد لاحظت بكل أسف و خيبة أمل أنكم لا تولون قضية البطالة أي أهمية تذكر ما عدا بعض الإشارات في خطبكم و كلماتكم التي تتوجّهون بها إلى الشعب لذلك أردت تذكيركم ببعض نقاط التشابه التي تجمعنا لعلّكم تشعرون ولو قليلا بما نشعر به نحن:
سمعت ذات مرة الشيخ راشد الغنوشي يقول أن البشرية لم تخترع شيئا أسوأ من السجون التي تدمّر الإنسان من الداخل و تحطّمه و قد قضّيت أنت نفسك أكثر من 16 سنة في السجن.للأسف هناك ما هو أسوأ بكثير من السجن وهي البطالة التي تنسف كيان الإنسان و تدكّ معنوياته دكا و تجعله يحسّ أنه بلا قيمة و بلا فائدة و ربما قاده ذلك للتفكير في الإنتحار. أنت دخلت السجن بعد نضال مرير مع السلطة الحاكمة و نحن دخلنا البطالة بعد مجهود جبار على مقاعد الدراسة و كان مصيرنا واحد وهو الألم مع فارق بسيط وهو أنكم كنتم تتوقّعون بطش النظام و قمعه أما نحن فحرّكتنا أحلام وردية و طموحات تحطّمت على صخرة الواقع. أنت تحدثت عن إعتقالك و سجنك الصحف و النشريات أما نحن فرقم من جملة أرقام تذكرها عرضا وزارة التشغيل أو مقالات الصفحات الإقتصادية.أنت دخلت السجن بسبب إنتمائك السياسي (لحركة النهضة) و نحن لم ندخل عالم الشغل بسبب عدم إنتمائنا السياسي (لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي أو وزارة تشغيل المعارف و " الناس اللي لينا"). فترة السجن محدّدة بمدة زمنية معيّنة حسب الحكم القضائي أما البطالة فهي غير محدّدة الأجل قد تكون يوما و قد تطول أعواما و هو ما يجعلك في توتّر دائم و قلق متواصل و حيرة لا تزول و حياة لا تطاق.السجن هو مقبرة الأحياء و البطالة هي مقبرة الكفاءات.السجن هو أن تحرم من حريتك وهو تقريبا نفس الأمر بالنسبة للبطالة فأي حرية يتحدث عنها من لا يملك قوت يومه و أي كرامة ينشدها من لا يستطيع الإنفاق على نفسه.. أنت أهانك رجال الأمن في السجن و عاملوك بأقصى درجات الوحشية و البشاعة و نحن أهاننا رجال الأعمال إستخفوا بنا و كانوا فينا من الزاهدين فقبلنا منهم عملا وقتيا بثمن بخس دراهم معدودات . أنت أحسست بالغربة في السجن و نحن أحسسنا بالغربة في منازلنا و بين أهلنا.أنت حرمت من العائلة بسبب الزنزانة و نحن حرمنا من تكوين عائلة بسبب البطالة و الفقر و إنعدام الآفاق.أنت حرمت من الدواء في السجن بسبب نكاية النظام في معارضيه أما نحن فحرمنا من الدواء بسبب إنعدام التغطية الإجتماعية و الصحية للعاطلين عن العمل.
عانيت بعد خروجك سيدي الوزير من المراقبة الإدارية و محاصرة البوليس أما نحن فنعاني من مراقبة كل المجتمع لنا..نشعر أن عيونهم تراقبنا في حلّنا و ترحالنا و لسان حالهم يقول هل وجدوا عملا أم لا؟ هناك ما هو أكثر إيلاما من المراقبة وهو أن ترى إحساس الشفقة في عيون من حولك فتحسّ بالعجز و القهر.
لقد أزيح بورقيبة و هرب بن علي و رحل الباجي و جئت أنت و نحن واقفون مكاننا لا عمل و لا شغل و لا حياة...الوجوه تتغير أما النظام فباق هو نفسه نظام رأسمالي وحشي يدوس الفقراء و لا يراعي سوى مصلحة الأثرياء و المترفين.
سيدي الوزير الأول حمادي الجبالي إذا عثرت بغلة في العراق فسيسأل عنها عمر بن الخطاب و إذا إنتحر عاطل عن العمل في تونس فتسأل عنه أنت.
صوت المعطلين الأحرار
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire